في بعض الأحيان، لا يكون تقلب المزاج مجرد شعور عابر بالحزن أو لحظة فرح طارئة، بل يكون مؤشرًا على حالة نفسية عميقة ومعقّدة تُعرف بـ اضطراب ثنائي القطب. هذا الاضطراب لا يقتصر على “صعود وهبوط في المزاج”، بل هو حالة مرضية تؤثر على التفكير، السلوك، والطاقة، وتُغيّر مجرى حياة المصاب إن لم تُعالج بشكل مبكر وصحيح.
إن وعي الفرد والمجتمع بأعراض هذا الاضطراب، وطبيعته المتقلّبة، يُعدّ الخطوة الأولى نحو التعايش معه والتحكم به، خاصة مع توفّر طرق علاج فعّالة تُعيد للمريض توازنه وحياته.
تقرأ في هذا الموضوع
ما هو اضطراب ثنائي القطب؟
اضطراب ثنائي القطب (Bipolar Disorder) هو اضطراب نفسي مزمن يتميز بنوبات متكررة من الهوس والاكتئاب.
- في نوبة الهوس، يشعر المريض بطاقة مفرطة، ثقة عالية بالنفس، وأحيانًا سلوكيات متهورة.
- في نوبة الاكتئاب، يدخل في حالة من الحزن الشديد، وفقدان الشغف، والعجز عن القيام بالمهام اليومية.
قد تستمر النوبات من أيام إلى أسابيع، وتختلف شدّتها من شخص لآخر، وغالبًا ما يُصاحبها اضطراب في النوم، التفكير، والسلوك.
الأنواع
يُقسم اضطراب ثنائي القطب إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
- النوع الأول (Bipolar I):
يتضمن نوبات هوس شديدة قد تستدعي دخول المستشفى، وقد تتبعها نوبات اكتئاب.
- النوع الثاني (Bipolar II):
يتضمن نوبات اكتئاب شديدة، ونوبات هوس خفيف (Hypomania)، دون بلوغ درجة الهوس الكامل.
- اضطراب المزاج الدوري (Cyclothymia):
نوبات طويلة من الهوس الخفيف والاكتئاب الخفيف، لكنها لا ترتقي لمستوى التشخيص بالأنواع الأولى.
الأعراض
نوبة الهوس:
- شعور مفرط بالطاقة والنشاط.
- ثقة زائدة بالنفس، قد تصل إلى الشعور بالعظمة.
- قلة الحاجة للنوم.
- تسارع في الكلام والأفكار.
- سلوك متهور أو قرارات غير مسؤولة (مثل الإنفاق الزائد، الدخول في علاقات خطرة).
نوبة الاكتئاب:
- حزن مستمر، وشعور بالفراغ أو الذنب.
- فقدان الاهتمام بكل شيء تقريبًا.
- تعب وإرهاق دائم.
- بطء في التفكير أو الحركة.
- أفكار انتحارية في الحالات الشديدة.
يُخطئ الكثيرون في التفريق بين هذا الاضطراب وبين الاكتئاب العادي، مما يؤخر التشخيص ويجعل العلاج أقل فاعلية.
الأسباب
الوراثة:
الاستعداد الوراثي يُعد من أقوى العوامل، خاصة إذا وُجد تاريخ عائلي بالاضطراب.
التغيرات البيولوجية:
تُشير الدراسات إلى وجود اختلافات في تركيب ووظائف الدماغ لدى المصابين.
الضغوط النفسية:
التعرض لصدمات عاطفية أو أزمات حادة قد يفعّل الاضطراب لدى من لديهم قابلية بيولوجية.
أدوية أو منشطات:
قد تؤدي بعض الأدوية أو المواد المنشطة إلى تحفيز نوبة هوس عند الأشخاص المعرّضين للإصابة.
التشخيص
يُشخَّص الاضطراب من خلال:
- مقابلة نفسية مفصلة تشمل التاريخ المرضي والعائلي.
- استبعاد الأسباب الجسدية أو تأثيرات الأدوية.
- استخدام أدوات تقييم معتمدة مثل SCID أو Mood Disorder Questionnaire.
غالبًا ما يُشخَّص خطأً في البداية على أنه اكتئاب أحادي القطب، ما يؤكد أهمية التشخيص المبكر والدقيق.
العلاج
رغم أن اضطراب ثنائي القطب لا يُشفى بشكل كامل، إلا أنه يمكن التحكم فيه بشكل فعّال عند الالتزام بالعلاج:
- العلاج الدوائي:
- مثبتات المزاج مثل الليثيوم أو فالبروات الصوديوم.
- مضادات الذهان للسيطرة على الهوس.
- مضادات الاكتئاب تُستخدم بحذر لتفادي تحفيز نوبة هوس.
- العلاج النفسي:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): لتطوير مهارات التكيف والتعامل مع الضغوط.
- التثقيف النفسي: يُمكّن المريض وعائلته من فهم الحالة وتفادي الانتكاسات.
- العلاج الأسري: لتحسين التواصل وتقليل التوتر في المنزل.
- العلاج عبر الإنترنت:
توفر الجلسات النفسية أونلاين حلاً مناسبًا وآمنًا للمتابعة المنتظمة دون قيود مكانية، مع إمكانية الوصول إلى مختصين مرخصين بسهولة.
متى يجب طلب المساعدة من طبيب نفسي؟
من المهم جدًا عدم تجاهل العلامات التالية:
- تقلبات مزاجية حادة بين النشاط الشديد والاكتئاب العميق.
- سلوكيات متهورة أو عدوانية دون مبرر.
- تكرار نوبات الاكتئاب دون استجابة للعلاج المعتاد.
- فقدان السيطرة على التصرفات أو تدهور العلاقات.
- أفكار إيذاء النفس أو الآخرين.
الاستشارة النفسية في الوقت المناسب تُحدث فارقًا كبيرًا في الحد من تفاقم الحالة.
احصل على الدعم المتوازن – مع طبيب نفسي اونلاين
العيش مع اضطراب ثنائي القطب قد يكون صعبًا، لكنه ليس مستحيلًا. عبر منصتنا، نوفر لك الدعم النفسي المهني من خلال جلسات علاج نفسي أونلاين مع أفضل الأطباء النفسيين. سواء كنت تبحث عن طبيب نفسي اونلاين، أو دكتور نفسي في عجمان، نحن هنا لنقدّم لك المساعدة بثقة وسرّية.
ابدأ رحلتك نحو الاستقرار النفسي… فكل لحظة توازن تستحق أن تُعاش.