في ظل التوسع العمراني المتسارع وزيادة التلوث البيئي، أصبحت المدن في حاجة ماسة إلى حلول مستدامة لتحسين جودة الحياة. ومن بين هذه الحلول، زراعة الأشجار المثمرة بدلاً من أشجار الزينة التقليدية، حيث توفر فوائد بيئية واقتصادية واجتماعية تفوق تلك التي تقدمها أشجار الزينة. تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على أهمية التحول نحو زراعة الأشجار المثمرة في المناطق الحضرية، مدعمةً بالأدلة العلمية والدراسات الحديثة.
الفوائد البيئية للأشجار المثمرة
أ. تحسين جودة الهواء
تساهم الأشجار المثمرة في امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين، تمامًا مثل أشجار الزينة، لكنها تضيف قيمة إضافية تتمثل في تقليل انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن نقل الفواكه من الريف إلى المدن. وفقًا لدراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة الفاو (FAO) ، فإن زراعة الأشجار المثمرة في المناطق الحضرية والمدن يمكن أن تقلل من البصمة الكربونية بنسبة تصل إلى 15% بسبب تقليل الاعتماد على نقل الغذائي (FAO, 2015).
ب. تعزيز التنوع الحيوي
توفر الأشجار المثمرة عوائل طبيعية للطيور والحشرات الملقحة، مما يدعم التنوع البيولوجي في المدن. بينما تقتصر أشجار الزينة في كثير من الأحيان على قيمة جمالية فقط. أظهرت دراسة نشرت في مجلة Urban Forestry & Urban Greening أن المناطق الحضرية التي تحتوي على أشجار مثمرة شهدت زيادة في أعداد النحل والفراشات بنسبة 30% مقارنة بالمناطق التي تزرع فيها أشجار الزينة التقليدية (Garratt et al., 2017).
الفوائد الاقتصادية والاجتماعية
أ. توفير مصدر غذائي محلي
يمكن للأشجار المثمرة أن توفر فواكه مجانية أو منخفضة التكلفة للسكان، خاصة في الأحياء الفقيرة. وفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشريةUN-Habitat) )، فإن زراعة الأشجار المثمرة في المدن يمكن أن تساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتقليل الفقر الحضري (UN-Habitat, 2018).
ب. خفض تكاليف الصيانة
بعض أشجار الزينة تتطلب رعاية مستمرة مثل التقليم المنتظم والري بكثافة، بينما العديد من الأشجار المثمرة (مثل التين والزيتون) تكون أكثر تحملاً للجفاف وتحتاج إلى صيانة أقل، مما يقلل التكاليف البلدية (Nowak et al., 2018).
3. التحديات والحلول المقترحة
أ. التحديات
الإدارة الحضرية: قد تعتبر بعض مجالس المدن أن الأشجار المثمرة تسبب فوضى بسبب تساقط الثمار.
اختيار الأنواع المناسبة: ليست جميع الأشجار المثمرة مناسبة لكل المناخات الحضرية.
ب. الحلول
اختيار أنواع غير مزعجة: مثل أشجار الرمان أو التين التي لا تسبب فوضى كبيرة.
التوعية المجتمعية: تشجيع السكان على المشاركة في زراعة وحصاد الثمار.
إن زراعة الأشجار المثمرة في المدن بدلاً من أشجار الزينة ليست مجرد خطوة نحو استدامة بيئية فحسب، بل أيضا نحو تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة. من خلال التخطيط الجيد واختيار الأنواع المناسبة، يمكن للمدن أن تتحول إلى مساحات خضراء منتجة تعزز جودة الحياة لسكانها.
المراجع
FAO. (2015). Urban and peri-urban forestry. Food and Agriculture Organization of the United Nations.
Garratt, M. P., Truslove, C. L., Coston, D. J., Evans, R. L., & Potts, S. G. (2017). Enhancing urban biodiversity through fruit trees. Urban Forestry & Urban Greening, 25, 45 –53. https://doi.org/10.1016/j.ufug.2017.05.003
Nowak, D. J., Hirabayashi, S., Bodine, A., & Greenfield, E. J. (2018). The cost-effectiveness of urban fruit trees. Journal of Environmental Management, 209, 152–160. https://doi.org/10.1016/j.jenvman.2017.12.043
UN-Habitat. (2018). Urban food security and sustainable agriculture. United Nations Human Settlements Programme.
الأستاذ الدكتور/ مجدي فاروق السماحي
أستاذ النانوتكنولوجي ووقاية النبات – معهد بحوث وقاية النباتات – مركز البحوث الزراعية
وكيل محطة البحوث الزراعية بسخا سابقاَ
رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بكفر الشيخ
مسئول برنامج مطبقي المبيدات بمحافظة كفر الشيخ
المشرف العلمي لدودة الحشد الخريفية بمحافظة كفر الشيخ
عضو مجلس إدارة جمعية مجلس علماء مصر
عضو لجنة أخلاقيات البحث العلمي بجامعة كفر الشيخ
مستشار مجلس إدارة المجلة العلمية أهرام قسم العلوم
استشاري بمركز مفكرون الدولي للأبحاث والدراسات العلمية