ينقل رسام الهوية الشخصية ملامح الشخص المرسوم نقلا تشريحيا بشكل متناسب لسطح الورق أو الجدار أو المجسم المنحوت ثم يتأمل فيه برهة قائلا :مهلا لنمعن النظر مرة أخرى فالهوية لم تظهر بالقدر الكافي
يعود مجددا للشخص المرسوم بمزيد من التأمل والبحث فيشاهد كيف يفكر وكيف يشعر وكيف يتحرك فنجد ابداعا يحمل الكثير من المشاعر الأحادية المختلفة مثل الدهشة أوالغضب أوالفرح أوالحزن أو الألم أو الإجهاد ..إلخ
حسنا ها قد عادت الحياة على الورق واقتربنا الى حد كبير من الهوية وتحقق المطلوب بإضافة المشاعر السالف ذكرها وانتهى الأمر لكن على مايبدو فإن آخرين لم ينتهوا بعد.
إذ لا يكتفي العباقرة من الرسامين بذلك بل يسعون لإبراز المشاعر المركبة والممتزجة مثل الحزن الغاضب أو الضحك الساخر ولا يكتفي بذاك غاية ولكن يستخدمها لدراسة سلوك النفس البشرية وخصائصها ومتناقضاتها ونقاط قوتها وضعفها ومواطن الجمال بها مستخدما صيغ المبالغة التعبيرية والتشريحية ليقدم صورة أكثر ثراءا بالحياة على الورق من الشخص المرسوم

تعكس عمق الخبرات الجمالية والتشكيلية لديهم فنجد فيها الشخص الذي تحمل ملامحه سمات الصدق أو النفاق أو التشفي أو الحقد أو الجمال أو الخير أو المحبة والبراءة …وهكذا

هذه الصورة تمثل في معظم الأحيان الشئ الذي نرفضه أو نحبه للغاية في سلوكنا ومظهرنا لأنها صورة مفعمة بالكثير من صيغ المبالغة الجماليةالتعبيرية التشريحية مع المفارقة الساخرة كما تحمل في طياتها الكثير من التساؤلات والآراء التي تخبرنا بما يجب ان نكون أو تحذرنا مما نحن عليه وعليك أيها القارئ المشاهد ان تتخذ موقفا ما في هذه الحالة يعرف الفنان بالرسام الساخر أو رسام الكاريكاتير
والفنان شريف عليش الذي نتخذ أعماله هنا مثالا قد وصلت شهرته من حدود المحيط إلى الخليج لما له من السبق والريادة فيما قدمه كما بلغت أعماله من الأصالة والإبتكار والإبداع حدا بعيدا وتنوعت بين الكاريكاتير والكارتون والفن التشكيلي
قدم الفنان شريف عليش العديد من ابداعاته الكاريكاتورية والكارتونية التي ازدانت بها صفحات وأغلفة مجلتي روزاليوسف وصباح الخير من عام 1967 حتى 1990 ليلتحق بعدها بالعمل بمؤسسة الأهرام
تخرج من كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان قسم التصوير حصل بعد تخرجه على منحة لدراسة ترميم اللوحات الزيتية بتشيكوسلوفاكيا ومثلها بالولايات المتحدة وحاز العديد من الجوائز بالخارج والداخل لعل أبرزها جائزة التميز الصحفي في نسختها الأولى من نقابة الصحفيين.
اختيرت لوحته الكاريكاتيرية عن الملاكم مايك تايسون للإقتناء بمتحف فلوريدا للكاريكاتير الى جوار عمله بالأهرام عمل بالعديد من المجلات والجرائد العربية مثل مجلة سيدتي وزهرة الخليج والوسط وجريدة الرأي وجريدة القبس كما رسم للأطفال بمجلات ماجد وباسم وعلاء الدين وفي مجال الرياضة عمل بالأهرام الرياضي وحاليا بمجلة النادي الأهلي

رسم العديد من الأبواب الصحفية المتميزة بصحبة نخبة من عظماء الصحافة المصرية والكتابة الساخرة بدأت بباب “هذا الرجل” بصحبة الساخر العظيم محمود السعدني مرورا بباب “بالبريد المستعجل بصحبة رئيس تحرير صباح الخير الأسبق حسن فؤاد ثم باب”دبرنا يا وزير…” بصحبة رئيس تحرير روزاليوسف الأسبق صلاح حافظ انتهاءا بباب “شاشة صباح الخير” الذي رسمه بصحبة قلم الكاتب والإعلامي ورئيس تحرير صباح الخير الأسبق مفيد فوزي كما رسم أيضا بصحبة الكتاب علاء الديب وعبد الستار الطويلة وغيرهم ورسم العديد من أغلفة الكتب منها “الطريق الى زمش” و”المضحكون” لمحمود السعدني
تاريخ مجيد وعمر مديد لأحد أهم أشجار الكاريكاتير المثمرة والمعمرة ببستان روزاليوسف.