المساحات الخضراء في الإمارات.. تولي دولة الإمارات أهمية كبيرة لزيادة المساحات الخضراء وأعداد الأشجار، لما تضفيه من قيم جمالية وفوائد بيئية وصحية واجتماعية واقتصادية متعددة.
وأطلقت دولة الإمارات العديد من المبادرات والمشاريع لزيادة الغطاء النباتي والمساحات الخضراء في جميع أنحاء الدولة، مثل الحدائق والمتنزهات العامة، ومشاريع التشجير، ودمج المساحات الخضراء في تصميمات المدن الجديدة، وتطوير الزراعة الحضرية، والتوسع في المحميات الطبيعية، وتجميل الطرق وزراعتها بالأشجار والنباتات المزهرة والتي تسهم جميعها في تعزيز الاستدامة البيئية وتقليل آثار التغير المناخي وتحسين جودة الحياة.
وتحرص الجهات المعنية في الدولة على توعية وتثقيف كافة فئات المجتمع بأهمية ممارسة الزراعة وزيادة المساحات الخضراء، لما لها من فوائد إيجابية على البيئة والمظهر الجمالي العام، وتنظم العديد من الحملات التوعوية والتدريبية تشجيعاً لأفراد المجتمع على الاهتمام بها والتوسع فيها.
ويعد البرنامج الوطني “ازرع الإمارات”، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، من أبرز المبادرات التي تستهدف زيادة الرقعة الخضراء في دولة الإمارات، حيث يضم مبادرات عدة تدعم توجهات الإمارات للتنمية الزراعية وتعزيز معدلات الأمن الغذائي الوطني المستدام.
ويستهدف البرنامج الوطني “ازرع الإمارات” تشجيع المجتمع المحلي على الإنتاج الذاتي المنزلي لأهم المنتجات الزراعية، وتوسيع الرقعة الخضراء في الدولة ودعم جهود الحفاظ على البيئة، وترسيخ صورة ذهنية إيجابية عن المنتج المحلّي ذي القيمة الغذائية العالية، كما يدعم البرنامج “عام الاستدامة 2024″، ويُعزز منظومة الاستدامة البيئية عبر المساهمة الفعالة للمنتجات المحلية في خفض البصمة الكربونية كمنتجات طازجة.
ووضعت دولة الإمارات العديد من التشريعات والسياسات التي تهدف إلى زيادة المساحات الخضراء وتعزيز الاستدامة البيئية وذلك في إطار رؤية الإمارات لتحقيق التنمية المستدامة، حيث حظر قرار مجلس الوزراء رقم (18) لسنة 2018 بشأن زراعة النباتات المحلية والمحافظة على الطبيعة، “أي فعل من شأنه الإضرار بالتوازن البيئي والتنوع البيولوجي للبيئة الطبيعية، ومن ذلك قطع أو اقتلاع أو حرق أو تخريب أي شجرة أو شجيرة أو أعشاب محلية، وإتلاف وتدمير أو إلحاق أي ضرر بالتكوينات الجيولوجية والموائل الطبيعية التي تعد موطناً للنباتات المحلية”.
ويهدف القرار إلى تعزيز مشاركة مختلف فئات المجتمع في تحسين البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتنمية الموائل الطبيعية للنباتات المحلية بالدولة، وإعادة تأهيل الموائل الطبيعية للنباتات المحلية، وتنمية الموارد الطبيعية والحفاظ على التنوع البيولوجي.
وجاء قرار مجلس الوزراء رقم /31/ لسنة 2018 في شأن الزراعة المجتمعية، ليقدم إطاراً ناظماً لشؤون الزراعة المجتمعية والمنزلية، حيث تضمن الدعوة إلى استغلال المساحات السكنية وأسطح المباني والمؤسسات التعليمية لتطوير وتوسيع النشاط الزراعي والاستفادة من آثار ذلك لخدمة المجتمع وتثقيفه مع تعزيز الفوائد البيئية وزيادة الرقعة الخضراء.
وركز القرار على دور وزارة التغير المناخي والبيئة في تشجيع الزراعة ومواسم الزراعة المجتمعية وخصائص نباتات الزراعة المجتمعية وزراعة مساحات المؤسسات التعليمية والمساحات داخل المنازل والمجمعات السكنية والمباني الحكومية وترشيد الري في الزراعة المجتمعية، وتوفير البذور، والتسويق، والرقابة.
ويهدف القرار إلى تحسين البيئة وتنويع الإنتاج النباتي وتعزيز التنوع والأمن الغذائي، إضافة إلى غرس وتعزيز ثقافة الزراعة وإنتاج الغذاء والمساهمة في تنشئة جيل واع يساهم في المحافظة على التنمية الزراعية المستدامة في الدولة والمساهمة في سد جزء من احتياجات الأسر اليومية من المنتجات الزراعية ونشر وتعزيز مفهوم المدن المستدامة، إضافة إلى تشجيع التوجه نحو الزراعة الذكية كالزراعة بدون تربة والزراعة العضوية والاستغلال الأمثل للمياه بإعادة استخدامها في الزراعة المجتمعية.
وتوفر المساحات الخضراء العديد من الفوائد البيئية، منها تحسين جودة الهواء حيث تمتص الأشجار والنباتات ثاني أكسيد الكربون وتنتج الأكسجين، مما يساهم في تقليل التلوث الجوي في المناطق الحضرية، كما تساعد المساحات الخضراء في تخفيف درجات الحرارة المحيطة من خلال توفير الظل.
وتشكل المساحات الخضراء حواجز طبيعية ضد زحف الرمال والتصحر، مما يساهم في تثبيت التربة والحفاظ على استقرارها، إضافة إلى دورها في توفير مواطن للحياة البرية، مما يعزز التنوع البيولوجي ويساعد في الحفاظ على الأنواع المحلية من النباتات والحيوانات، إلى جانب مساهمتها في تحسين إدارة المياه من خلال امتصاص مياه الأمطار وتقليل جريان المياه السطحية.
وتساهم المساحات الخضراء في تحسين الصحة العامة، حيث توفر بيئة مناسبة للأنشطة البدنية، مما يساهم في تحسين اللياقة البدنية والصحة العامة.
كما تساهم المساحات الخضراء في تعزيز التفاعل الاجتماعي، حيث توفر الحدائق والمتنزهات العامة أماكن للتجمعات الاجتماعية والتفاعل بين أفراد المجتمع، إضافة إلى دورها في إضفاء جمال طبيعي على المدن والمناطق السكنية، مما يزيد من جاذبيتها وقيمتها.
وتوفر المساحات الخضراء أيضاً فرصاً للتعلم عن الطبيعة والبيئة، خصوصاً للأطفال والشباب، مما يعزز الوعي البيئي والمسؤولية تجاه الحفاظ على البيئة، كما تلعب دوراً مهماً في تعزيز الجوانب الاقتصادية من خلال جذب الاستثمارات، وتشجيع السياحة.
وتتعدد مبادرات دولة الإمارات لزيادة المساحات الخضراء والتشجير، ومنها التوسع في الحدائق والمتنزهات العامة التي توفر مساحات خضراء كبيرة، ومجموعة متنوعة من المرافق والتجهيزات الرياضية.
كما أطلقت دولة الإمارات العديد من مشاريع التشجير داخل المدن والمناطق السكنية والصحراوية عن طريق غرس الآلاف من الأشجار الملائمة للبيئة من حيث درجات الحرارة والمناخ ونوعية التربة وتوفر مصادر المياه.
ويعد أسبوع التشجير الذي ينظم في الإمارات سنوياً من أبرز المبادرات الوطنية الهادفة إلى توعية المجتمع بأهمية التشجير ومشاركة أفراده في غرس الأشجار والمساهمة في الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي في الدولة، فضلاً عن مضاعفة مساهمة التشجير في مواجهة التحديات البيئية والمناخية.
كما يهدف أسبوع التشجير إلى تطبيق التقنيات الذكية والابتكارات المتميزة وأفضل الممارسات في مجال التشجير والزراعة التجميلية، وإشراك فئات المجتمع في فعالياته، وتعزيز دورهم في نشر الرقعة الخضراء والمحافظة عليها، والاهتمام بنباتات البيئة المحلية.
ويتضمن أسبوع التشجير فعاليات متعددة منها افتتاح حدائق ومشاتل جديدة وتنظيم محاضرات توعوية وورش عمل تثقيفية حول التشجير.
وتتبنى دولة الإمارات العديد من المبادرات الخضراء المستدامة، مثل تقنيات الزراعة العمودية والزراعة المائية لزيادة المساحات الخضراء في المناطق الحضرية وتوفير الغذاء بشكل مستدام، إضافة إلى دمج المساحات الخضراء في تصميمات المدن الجديدة بهدف تحسين جودة الحياة، وتحقيق الاستدامة البيئية، وتقليل تداعيات التغير المناخي.
كما عملت دولة الإمارات على التوسع في المحميات الطبيعية لزيادة المساحات الخضراء والحفاظ على البيئة وتعزيز التنوع البيولوجي، حيث تحتضن الدولة 49 محمية طبيعية، تمثل نحو 15.53% من إجمالي مساحة الدولة، وتنقسم هذه المحميات إلى 16 محمية بحرية تمثل نحو 12.01 % من المناطق البحرية والساحلية، و33 محمية برية تمثل 18.4% من المناطق البرية في الدولة.