بدأت رحلة عبدالله عامر في ريادة الأعمال من الصفر، لتتحول إلى تجربة رائدة وملهمة يُنظر إليها بعين الاعتبار في مجتمع يسعى لاقتناص كل فرصة للنهوض ومواجهة التحديات.
يشغل عبدالله عامر منصب الرئيس التنفيذي لشركة “إنجلش كابسولز”، ويُعد من أبرز رواد جيله، بعدما نجح في تحويل حلمه إلى واقع ملموس في صورة كيان أصبح ملء السمع والبصر خلال سنوات قليلة، في مجال تعليم اللغات، ومساعدة رواد الأعمال على إدارة أعمالهم باحترافية.
في العديد من اللقاءات الإعلامية، كان عامر حريصًا على تقديم خلاصة تجربته التي مرت بسنوات من التحديات والنجاحات، لتكون نموذجًا حيًّا يمكن التعلم منه والانطلاق عبره نحو النجاح القائم على العلم والخبرة العملية.
تقرأ في هذا الموضوع
عبدالله عامر على كرسي المدير
في حلقة من بودكاست “كرسي المدير” مع الدكتور محمد صبري، مؤسس منصة “مدرسة الإدارة”، استعرض عبدالله عامر قصة نجاحه في تدريب عشرات الآلاف من المتعلمين في مصر والوطن العربي على تطوير مهارات اللغة الإنجليزية. وتحدّث عن بداياته وتكوينه الشخصي والمهني.
نشأة عبدالله عامر
نشأ عبد الله عامر في بيئة عادية بالنسبة له، واتسم بالهدوء والمراقبة خلال سنوات الدراسة الجامعية وما قبلها. كان بمثابة “الصندوق الأسود” لأصدقائه، لا يتكلم كثيرًا، لكنه يتدخل برأيه عند الحاجة.
وصف نفسه بأنه كان خلف الكاميرا حرفيًا، يتعلم ويتواصل مع العالم عبر الإنترنت. شارك في أعمال تطوعية بسيطة مثل فرش مصلى العيد وتوزيع شنط رمضان، ووجد نفسه في هذا الدور المساعد للآخرين.
دراسة اللغة الإنجليزية
اختار دراسة اللغة الإنجليزية بقسم الترجمة الفورية بجامعة الأزهر، بهدف تقوية لغته لخدمة الدعوة الإسلامية باللغة الإنجليزية. رغم خلفيته الأزهرية منذ الطفولة، حيث كان يرتدي الجبة والعمة، إلا أنه فضّل هذا التخصص لأنه كان بمثابة حلم، ولكونه من التخصصات النادرة في الشرق الأوسط.
عبدالله عامر في الجامعة
خلال الجامعة، سعى عامر للاحتكاك بالأنشطة الطلابية والتعلم خارج نطاق الدراسة الأكاديمية، وحضر فعاليات في جامعات عدة مثل القاهرة، الأمريكية، عين شمس، وحلوان. تعرّف على عالم الإدارة والعمل الطلابي، واحتك بأشخاص يسعون لتطوير أنفسهم خارج أسوار الجامعة. حصل على منحة دراسية وسافر إلى الولايات المتحدة عام 2011، وهو في السنة الثانية.
نقطة تحول عبدالله عامر
كانت التجربة الأمريكية نقطة تحول كبرى في حياته. انبهر بالمؤسسية، وتعدد الأنشطة الطلابية، وانخرط في المجتمع هناك، وأصبح رئيسًا لجمعية الطلاب المسلمين (MSA). تعلّم لأول مرة مبادئ الإدارة بشكل عملي، واكتشف أهمية الأدوار التنظيمية داخل الفرق. كما خاض تجربة “اكتشاف الذات” وتعلّم بعمق عن دينه.
عودة عبدالله عامر إلى الأزهر
عند عودته إلى مصر، أصبح معروفًا في جامعة الأزهر بفضل تجربته في أمريكا وإجادته للغة الإنجليزية. تولّى مهام التخطيط والإدارة للأنشطة الطلابية، وتعلم كيفية إعداد الخطط وجمع الموارد والتمويل. أدرك أهمية الفريق، وخاصة الأشخاص الذين يترجمون الرؤية إلى واقع.
الانطلاق بعد التخرج
بعد التخرج، بدأ عامر العمل كمدرس لغة إنجليزية وحقق نجاحًا كبيرًا. في 2014، بدأ يفكر في المرحلة التالية، فحصل على دبلومة في سلاسل الإمداد (Supply Chain)، وسافر إلى ماليزيا وكوريا الجنوبية، باحثًا عن المعرفة واكتشاف الذات والثقافات المختلفة.
بداية “إنجلش كابسولز”
عند عودته، قرر استثمار كل ما تعلّمه في مشروع يخدم الناس من خلال التعليم. هكذا وُلدت فكرة “إنجلش كابسولز” عام 2015، وبدأت كصفحة فيسبوك تنشر مقاطع فيديو قصيرة، ثم تطورت إلى دورات تدريبية وبرامج لتأهيل مدرّبي اللغة الإنجليزية (TEFL).

واجه تحديات كبيرة في البداية، لعدم وجود نظام مؤسسي واضح، واعتماده على سمعته الشخصية. أول موقع استأجره في الدقي أغلقه بعد شهرين بسبب شكاوى السكان، مما علمه أهمية العقود والتأمين.
التوسع وبناء النظام الإداري
بأموال أول 100 طالب، استمر المشروع لمدة عام، وبدأت الفروع تنتشر في الدقي ومدينة نصر وأكتوبر والمعادي. تعلّم من أخطاء التوسع السريع، خاصة في فرع أكتوبر الذي لم يكن مناسبًا لشريحة طلاب الجامعة. كما واجه تحديات في مجالات جديدة مثل تدريب الأطفال.
ثقافة العمل والتحول المؤسسي
كانت الشركة في البداية تعتمد بشكل كبير على شخصية عبد الله عامر (Personal Brand) وعلى ثقافة محبة وتجمع الناس حول المؤسس (People-Oriented / Clan Culture). هذه الثقافة كانت جيدة في البداية لكنها كانت تحد من النمو المؤسسي. قرر إجراء تحول في الثقافة نحو ثقافة أكثر تركيزاً على المهام والأداء (Task-Oriented)، وكان صريحاً مع الفريق في ذلك. هذا التحول تسبب في مغادرة بعض الأشخاص الذين لم يستطيعوا التكيف. حالياً، يسعون لإعادة التوازن بين الثقافتين، مع بناء أنظمة واضحة (SOPs, Manuals) للتوسع وضمان الجودة.
نصائح لرواد الأعمال
يقدّم عبدالله عامر من خلال رحلته مجموعة من النصائح:
التجارة شطارة، والإدارة علم ومهارة
لا تعتمد فقط على الخبرة الفنية، بل طوّر مهاراتك الإدارية.
السعي والاجتهاد
النجاح توفيق من الله، ثم اجتهاد وأخذ بالأسباب.
أهمية الفريق
اختر شركاءك بناءً على القيم المشتركة، وشاركهم المسؤوليات.
الاستثمار في الذات والفريق
طوّر نفسك باستمرار وساعد فريقك على النجاح.
التعلّم من الفشل
الفشل جزء أساسي من رحلة النجاح، والمهم أن تتعلم منه.
البدء بشكل مبسط (Lean/MVP)
لا تستثمر بكثافة في البداية، اختبر السوق أولًا.
الاستراتيجية واتخاذ القرار
قرارات التوسع يجب أن تُبنى على دراسة، لا على الحدس فقط.
التواصل والشفافية
حافظ على تواصل فعّال مع فريقك، ووجّههم لهدف موحد.
إدارة العلاقات
حافظ على علاقات جيدة حتى بعد انتهاء العمل، فقد تكون بوابة لفرص جديدة.
توازن الحياة
لا تهمل حياتك الشخصية وأهلك، فلكل جانب حقه.
الأخلاق في المعاملات
كن سمحًا في البيع والشراء، وتصرّف بتواضع.
معرفة الميزة التنافسية
حدّد ما يميزك، وركّز عليه.
تربية الجيل القادم
في العمل والحياة، إعداد من يأتي بعدك من أهم عوامل النجاح والاستمرارية.
الفرص تُمنح لمن يستعد لها
يرى عبدالله عامر أن رحلته لم تخلُ من التحديات والخسائر، لكنها كانت مدرسة حقيقية، يؤمن بأن الإدارة مسؤولية كبيرة تتطلب التوجيه والصبر، وأن الفرص تُمنح لمن يستعد لها، عبر التعلم المستمر وتطوير الذات.
اقرأ أيضا