هي إحدى مناطق القاهرة الفاطمية تضم أكثر من 200 أثر إسلامي تتنوع مابين المساجد والتكايا والأسبلة والأضرحة وبقايا القصور، لتبدو لمن يتجول بها وكأنها متحف مفتوح.
تعد منطقة الدرب الأحمر التي تقع جنوب الجامع الأزهر أول ممثل للأحياء الشعبية في القاهرة الفاطمية، وكانت المنطقة قبلة الجيوش الفاطمية عند الخروج للحروب أو العودة كما كان يسكنها الحرفيين و”الصنايعية” والطباخين وطبقات مختلفة من رجال الدولة.
سبب تسمية الدرب الأحمر
لم يُعرف على وجه التحديد سبب تسمية الدرب الأحمر بهذا الاسم لكن هناك عدد من الحكايات التي تداولها الناس عنه، فيروى ان الدرب سمي باللون الأحمر تحديداً بسبب مذبحة القلعة التي قضى فيها محمد علي على المماليك وسالت دمائهم هناك.
ويختلف المؤرخون مع هذه الرواية حيث يميل البعض إلى أن سبب التسمية هو وفود بعض الأشخاص من ذوي البشرة الحمراء مع قدوم الفاطميين، مدللين على ذلك أن وقتها كانت الشوارع تسمى بأسماء ساكنيها مثل حي الأتراك المواجه للدرب الأحمر.
ظلت منطقة الدرب الأحمر منذ أيام الفاطميين وحتى لسنوات طويلة بعدها عامرة بالأسواق المختلفة والتي سميت حواريه بأسمائها مثل سوق السلاح وشارع المغربلين وأسواق العبيد والجواري وقتها وشارع الكفتيين (من الكفت) أي المادة الذهبية أو الفضية التي يطلى بها النحاس وسوق الجوخيين اي بيع الجوخ وهو نوع مستورد من الصوف وكذلك أسواق الحلاويين وهو سوق لصناعة الحلوى وسوق الخلعيين ويباع فيها الملابس القديمة، وكذلك شارع الكحكيين نسبة إلى انتشار محلات بيع الكحك فيه وبعدها تغير اسمه إلى شارع الدرديري نسبة لوجود مقام أحد علماء الأزهر السابقين به وهو الشيخ الدرديري أحد فقهاء المذهب المالكي.
لم يكن الدرب الأحمر فقط مجمع للأسواق أو واجه للعمارة الفاطمية أو حصن للأثار الإسلامية المختلفة لكن كان شرارة الثورات والاحتجاجات، فنظراً لقرب الشارع من الجامع الأزهر شهد البدايات الأولى للحركة الوطنية في ثورة يوليو 1952 حيث كان مقر أولي للتنظيمات السياسية والمقاومة الشعبية ومنه خرج عدد كبير من شباب المقاومة وقتها وحتى قبل ذلك ثم بعدها في 1967 وحركات الغضب بسبب الهزيمة.
باب زويلة
يعد باب زويلة أحد أبواب القاهرة القديمة والباب الثالث بعد باب النصر وباب الفتوح ويعد أجملهم، وتذهب الأراء إنه تم تسمية باب زويلة بهذا الأسم نسبة إلى قبيلة زويلة التي جاءت مع جوهر الصقلي قائد الجيوش الفاطمية وسكنت عند البوابة.
ومن الحكايات الشعبية التي نسجت حول باب زويلة إنه تم تسميته أيضًا ببوابة المتولي لإنه كان يجلس هناك في مدخله متولي اي مُحصل ضريبة دخول القاهرة.
كذلك أرجع بعض الناس إلى قطب الصوفية المتولي شؤون مصر، والذي كان يأتي باستمرار إلى باب زويلة لتلبية حاجات أهالي القاهرة، وقد دلل المؤرخون على تسمية بوابة المتولي بأن أهالي القاهرة كانوا ينزعون خرقة من ملابس صاحب الحاجة سواء كانت شفاء من المرض أو زيادة في الرزق أو رفع ظلم الحكام ويعلقونها بمسامير على باب زويلة على اعتبار أن القطب حينما يزور الباب سيقضي حاجة صاحب الأثر أو الخرقة.
وكان الناس يعتقدوا أن من يدخل من باب زويلة تحديداً البولبة التي دخل منها الخليفة الفاطمي فإنه لو كان له حاجه عند الله قضيت له ولو كانت عاقراً أنجبت طفل.
كما شهد باب زويلة الصراعات المتتالية بين سيف الدين قطز والتتار حيث علق رؤوس رسل هولاكو على هذا الباب، كما شهد شنق السلطان طومان باي بأمر من السلطان العثماني سليم الأول عام 1517 أي تاريخ دخول الأتراك لمصر.
الجامع الأزرق
يعد الجامع الأزرق أشهر مساجد الدرب الأحمر والذي يقع في شارع باب الوزير وله أسماء أخرى وهي جامع إبراهيم أغا مستحفظان و آق سنقر و مسجد النور، كانت سبب تسمية المسجد بهذا الأسم بسبب إنه يضم مجموعة من القاشاني العظيمة ذات اللون الأزرق التي تم كساء جدار القبلة بها.
الجامع الأزرق انشأه الأمير أق سنقر وهو واحد من مماليك السلطان المنصور قلاوون وقد بناه بالحجر وجعل سقوفه عقودًا من حجارة ورخمه واهتم في بنائه اهتمامًا زائدًا، فكان يتابع عمارته بنفسه ويحمل التراب مع العمال بيده ويتأخر عن غدائه اشتغالًا بذلك وأنشأ بجانبه مكتبًا لإقراء أيتام المسلمين القرآن وسبيلا لسقي الناس الماء العذب.
ثم أهمل الناس الجامع فيما بعد ألى أن جاء الأمير إبراهيم أغا احد من آمراء الدولة العثمانية وأعاد بناءه بنفس تصميمه القديم. ويجمع المسجد ثلاثة أضرحة منها ضريح للسلطان الملك الأشرف علاء الدين كجك ابن السلطان الناصر محمد بن قلاوون.
منزل زينب خاتون
هو منزل أثري يُعد نموذجًا للعمارة المملوكية. فمدخل البيت صمم بحيث لا يمكن للضيف رؤية من بالداخل وهو ما أطلق عليه في العمارة الإسلامية المدخل المنكسر.
بنى البيت في البداية الأميرة شقراء هانم حفيدة السلطان حسن بن قلاوون ثم تم بيع المنزل للأمير الشريف حمزة الخربوطلي، وأما عن أسم زينب فيقصد به زينب خاتون والتي كانت واحدة من جواري الأمير المملوكي محمد بك الألفي ثم حررها فتزوجت من الأمير الشريف حمزة وأضيف لها لقب خاتون أي الشريفة الجليلة وأصبح المنزل ملكها.
زينب خاتون كان لها مواقف وطنية كثيرة منها انها كانت تحمي شباب المقاومة المصرية ضد الإحتلال الفرنسي وتداوي جروحهم وتدفن الشهداء منهم في سرداب منزلها.
ويحتوي المنزل على عناصر معمارية وزخرفية مختلفة من شبابيك ومشربيات وأسقف خشبية وكوابيل مزخرفة ومذهبة وأرضيات رخامية وغيرها.
-بيت الرزاز
يقع بيت الرزاز بين شارعي باب الوزير وسوق السلاح في الدرب الأحمر وهو واحد من أهم وأجمل الآثار الإسلامية التي تحمل رائحة العصر المملوكي والعثماني في نفس الوقت.
المنزل يتكون من قسمين القسم الأصغر أو الشرقي تم بناءه في القرن الخامس عشر وعرف وقتها بمنزل السلطان قايتباي ثم في القرن الثامن عشر أضاف له الأمير العثماني أحمد كتخدا الرزاز القسم الأكبر الغربي.
ونسب المنزل إلى الأمير أحمد الرزاز وهو كان حفيد تاجر الأرز المعروف وقتها خليل الرزاز.
ونذكر أيضًا من الآثار التي يضمها الدرب الأحمر مسجد قرطبة الذهبي، مسجد عارف باشا، جامع محمد بك ابو الدهب، ومجموعة خاير بك، ومن الأضرحة رباط أحمد بن سليمان الرفاعي، سبيل رقية دودو وكذلك بقايا قصر الأمير سيف الدين منجك السلحدار ومنزل مصطفى سنان باشا.
عاشوا في الدرب الأحمر
ولد في الدرب الأحمر عدد كبير من الشخصيات العامة والمؤثرة منهم “عائشة راتب” التي حملت لقب وزيرة الغلابة، والتي ولدت
عام 1928، فى الدرب الأحمر ثم تخرجت في كلية الحقوقِ، بجامعة القاهرة وفي نفس عام تخرجها رفعت أول دعوى قضائية أمام مجلس الدولة لتأخذ حقها في التعيين بعد أن رفضوا تعيينها لكونها أنثى، سافرت وحصلت على الدكتوراة وتم تعيينها كوزيرة للشئون الاجتماعية عام 1971 في أول تشكيل حكومي للسادات ثم قدمت استقالتها وعينت أول سفيرة في الدنمارك ثم ألمانيا.
وولد في الدرب الأحمر بديع خيري و سمير الاسكندراني ومن قراء القرآن الكريم كان الشيخ محمد رفعت.
اقرأ أيضا
ماء الكمأه بكحل الإثمد لعلاج العيون .. بأسعار مذهلة لدى الصفوة للزيوت
مصارعة الكلاب .. توصية برلمانية بحظر إقامتها وقانون من 5 مواد لحظر حيازة الحيوانات الخطرة
شاهد