الأصل في ملكية الدولة أنها ملكية عامة تتغيا منها إدارة المرافق العامة التي تضطلع بأعبائها، والمال العام له شرطان أولهما: أن يكون عقاراً أو منقولاً، مملوكاً للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة كالمحافظات والمدن والقرى. وثانيهما: أن يكون هذا المال مخصصاً لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهوري. والشرط الثاني هو الأساس الحقيقي لفكرة الدومينية العامة، وهو ما يبرر الرغبة في حماية بعض الأملاك التي في حيازة الادارة حماية خاصة نظراً لتخصيصها للمنفعة العامة وفائدتها للجماعة، فالعبرة بالتخصيص والرصد للمنفعة العامة، بصرف النظر عن طبيعة المال، سواء كان هذا التخصيص لمصلحة عامة أو لاستعمال الجمهور مباشرة، وعند الخلاف بين الوزارات والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية أو بين هذه الجهات وبعضها البعض حول تحديد الجهة المختصة بإدارة واستغلال والتصرف في أية أراضي أو عقارات من المشار إليها ، يعرض الأمر على مجلس الوزراء، ويكون قراره في هذا الشأن ملزماً للجميع والإنتفاع بالمال العام يكون بدون مقابل، لأنه لا يخرج عن كونه إستعمالاً للمال العام فيما أُعد له.
والأموال العامة يمكن تقسيمها الى أقسام متعددة، فهي تنقسم إلى عامة منقولة كالكتب في المكاتب العمومية والآثار العمومية والنقود الأميرية وغير ذلك، وإلى أموال عامة عقارية كالطرق والشوارع وشواطئ البحار والانهار، كما تنقسم من حيث تخصيصها إلى أملاك عامة مُخصصة لمنفعة الجمهور مباشرة كالشوارع والميادين العامة وشواطئ البحار، وأخرى مُخصصة للمصالح العامة كالحصون والقلاع، وتنقسم إلى أموال عامة بحرية ونهرية وأرضية، وأخيراً تنقسم الى أموال عامة طبيعية وهى الأموال الموجودة بطبيعتها بدون تدخل الأنسان كشواطئ البحار والانهار والبحيرات، وأموال عامة حكمية أو صناعية، وهى الأموال التي أوجدتها يد الانسان كالطرق والشوارع والحصون والقلاع والمباني المصلحية.
ولئن كان الأصل أن تتولى الدولة إدارة المرافق العامة بطريق مباشر، فإنها أحيانًا تعهد بإدارتها واستغلالها إلى فرد، أو شركة أو هيئة، تنيبه عنها، دون أن يغير ذلك من طبيعة المرافق القائمة على المنفعة العامة، ولا من طبيعة أموالها وكونها أموالًا عامة، فلا يعدو إسناد الإدارة إلى غير الدولة في هذه الحال سوى طريق من طرق الإدارة دون المساس بأصل وجوهر المرفق العام وطبيعة أمواله، ولا يعد ذلك من قبيل النزول عن أموال الدولة أو التصرف فيها، فمن يدِرْ المرفق العام ينُبْ عن الدولة في ذلك بهدف تحقيق النفع العام، وهو الهدف ذاته الذى تسعى إليه الدولة عندما تدير المرافق العامة بذاتها، فمفهوم المرفق العام يتحدد أصلًا بالنظر إلى طبيعة الأعمال التي يتولاها، سواء أكان الانتفاع بها حقًّا للمواطنين في مجموعهم أم كان مقصورًا على بعضهـم، وسواء أتمت إدارته مباشرة من قبل الدولة أم بوساطة غيرها.
ويتميز المال العام بأنه لا يجوز بيعه ولا رهنه ولا تقرير حق ذاتي خاص عليه، ولا امتلاكه بوضع اليد المدة الطويلة أو تقرير حق عيني عليه، وهذا لا يرجع إلى شيء في طبيعة هذا المال بل إلى تخصيصه للمنفعة العامة، وحظر البيع معناه عدم جواز التصرف في مفردات الأملاك العامة، إلا اذا تقرر تحويلها الى ملك خاص ورفع الصفة العامة عنها، وذلك فيما يمكن رفع الصفة العامة عنه، كما لا يجوز الحجز عليه وهذا امتياز مالي تشترك فيه أملاك الدولة العامة والخاصة معاً لأنه من القواعد المسلمة عدم جواز التنفيذ جبراً ضد الحكومة.