كتب – أحمد عبدالعليم
اكد الدكتور صالح بكر الطيار رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي والمحكم الدولي المتخصص في قواعد انظمة التجارة الدولية أن ضواحي المدن الفرنسية ظلت عصيّة على الشرطة الفرنسية ولم تنجح باختراقها رغم زيادة اعداد الشرطة والدرك ورجال الأمن, حيث هناك بعض المقاطعات في باريس ومرسيليا وليون لا تستطيع دوريات الشرطة من الدخول الى هذه المناطق.
وأوضح أن السبب يعود الى سياسة الحكومات الفرنسية المتلاحقة التي كانت وماتزال تهتم كثيرا بمركز المدينة، حيث أهملت مدن الضواحي وأصبحت مهمشّة يسيطر عليها انتشار البطالة لسكان الضواحي وأغلبهم من الجاليات العربية والافريقية وانتشار تجارة المخدرات والجريمة بسبب ضعف الخدمات للبنى التحتية وعدم قدرة الجمعيات والمنظمات الاسلامية والمدنية من دمج هذه الجاليات العربية والافريقية في المجتمع الفرنسي بسبب الفارق الاجتماعي.
وأضاف الطيار إنه بعد احداث العام 2005 الدامية والتي خلفت دمارا كبيرا في الممتلكات واحراق السيارات حيث سقطت الضواحي واصبحت خارج السيطرة مما اضطرت حكومة الرئيس شيراك الى اتخاذ خطوات كبيرة منها فرض حالة الطوارئ ,وهذه هي المرة الثانية التي تنتفض فيها الضواحي الفرنسية فكانت 5 ليال صعبة على حكومة الرئيس ماكرون الذي الغى زياراته الخارجية والتحق بغرفة العمليات يراقب عن كثب عمليات التكسير والنهب والحرائق التي اشعلت مقرات البنوك والمؤسسات والسيارات احتجاجا على مقتل الشاب” نائل “وهو من اصول جزائرية بحجة أنه لم يمتثل لأوامر الشرطة التي كانت تستجوبه صباح ذلك اليوم.
وأشار الطيار الي أن هذه الحادثة قد فتحت من جديد ملف الضواحي الشائك والصعب بسبب استقبال موجات المهاجرين وحالات التهميش ,والحكومة الفرنسية حذرت اقصى اليمين والذين ينتمون الى مارين لوبين وأقصى اليسار ” ميلنشون ” من تأجيج مدن الضواحي وعدم تسييس الاحتجاجات ولذك فقد قامت وزارة الداخلية باعتقال 1300 شخص اغلبهم من جماعة “البلاك بلوك” والسترات الصفر كما اصيب عدد من رجال الشرطة تجاوز ال80 شرطيا.
وتابع: بين الحين والاخر تتجدد الازمات المفتعلة في فرنسا وذلك بغرض دخول فرنسا. في. صراع بين الحين والاخر في محاولة لإضعافها من خلال بعض الدول التي لا تريد الاستقرار لها لاسيما ان باريس في الفترة. الاخيرة. كان لها دور قوي وفعال علي المستوي الاوروبي والدولي من خلال ايجاد حل لمشكلة الحرب الروسية الأوكرانية او موقفها تجاه القضية الفلسطينية ومشاركة سلاح الجو الفرنسي بدحر فلول داعش في العراق وسوريا وكذلك في ايجاد الحلول السياسية وبالطرق الدبلوماسية في اليمن وليبيا والسودان، ومن قراءة المشهد يتأكد لنا أن هذه الأزمة مفتعلة لأسباب سياسية من اجل اضعاف فرنسا.
وقال الطيار: من يقرأ تاريخ الضواحي تلك التي تخص المهاجرين من دول شمال إفريقيا (الجزائر وتونس والمغرب) وغيرها من الدول الإفريقية، إلى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية وبناء فرنسا وتعميرها، واستقدام العمال من الدول العربية والإفريقية التي كانت تستعمرها فرنسا في ذلك الوقت. وقامت الحكومات الفرنسية ببناء أحياء لإسكان هؤلاء العمال، ومنذ ذلك التاريخ وبمرور الزمن، صار هناك أجيال من المهاجرين الذين ولدوا في فرنسا، وحصلوا على الجنسية وعاشوا حياتهم كفرنسيين لكنهم مازالوا يعانون من التهميش وعدم اشراكهم بالعمل في الدوائر الحساسة.
وطالب الطيار بضرورة تصحيح العلاقة بين المهاجرين والدولة الفرنسية قد تكون محاولة بناء الثقة بين الطرفين من خلال تبني برنامج وطني لمناهضة العنصرية ضد الأجانب بمشاركة المؤسسات الرسمية، ومؤسسات المجتمع المدني والناشطين من المسلمين وغير المسلمين، وإدارة النقاش حول هذه القضية من جماعات الضغط المختلفة من أقصى اليمين وحتى اليسار وغيرها من الجماعات. كما ينبغي اتخاذ العديد من التدابير التي تخص قوى الأمن والشرطة بعد تراكم الخبرات التي يُفترض أن تستخلصها الإدارة الفرنسية من هذه الاحتجاجات، حيث يمكن مراجعة إجراءات التحقق من الهوية؛ لأنها تنطوي على العديد من الانتهاكات والتعديات اللفظية، كما أنها تستند بصفة أساسية إلى الانتماء العرقي واللون والربط بين الاشتباه وبين الملامح الفيزيقية للشخص.
يذكر أن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، قال أن الداخلية قد قامت بنشر 45 ألف عنصر من قوات الشرطة، في الايام الرابعة والخامسة من الاحتجاجات من بينهم سبعة آلاف في العاصمة باريس، وضواحيها ، وتشير بعض التقديرات الرسمية، إلى أن أحداث العنف التي شهدتها فرنسا على مدى خمس ليال متتالية، أسفرت عن خسائر مادية جسيمة، منها إحراق مراكز تجارية، وإضرام النيران في نحو 1350 سيارة، و250 مبنى سكنيا.