ربما كان أمر المشاعر في حياة الأنسان عندما تقف زوجته وتأمره أو تسأله: “طلقني ” والعكس صحيح…
ثمة أنسان في هذا الكون يلفظنا، ويدمغنا بالفشل، وينزع عنا صلاحية العشرة والمودة، وينسلخ من ارتباطنا.
في كل هذه الأزمنة هناك أمرأة دوما تنتظر عودة زوجها, وهناك رجل تترقب عودته أمرأته، ولكن ثمة البعض سيشعر بالارتياح إن لم يعد الرفيق أو يحتجب.
كانت جداتنا مستقرات، وكان الرجال حريصين علي أسرهم، وكانت الأمهات كذلك، حتي لو كانت التعاسة هو مصيرهن. كان الحرص متبادلاً بين الزوجين علي استمرار عري الزواج، ارتفعت نسبة الطلاق بين الأزواج الجدد من الشباب العربي، حيث ترتفع نسب الطلاق خلال العام الأول من الزواج إلي خمسين في بالمائة في دولة الأمارات، ومدينة جدة، وإلي حوالي ثلاثين بالمائة في القاهرة.
إذ أصبحت الأجيال الجديدة أكثر هشاشة علي تحمل ضغوط الحياة الزوجية مقارنة بالأجيال الأكبر..
بعض الزوجات يستحقن التلظي في نار جهنم، ولكن بعض الأزواج يستحقون الإعدام في مكان عام بالمثل.
العاصمة البريطانية لندن هي جنة الطلاق للنساء، حيث تجتذب النساء لطلب الطلاق لأنه يتيح لهن الحصول علي نصف ثروة الزوج وخاصة لو كان ثرياً، وثلاثة أرباع الطلاق في بريطانيا لأجانب.
إحدى الأقطار الخليجية الكبيرة خصصت مدينة للمطلقات لا يدخلها الرجال مطلقا، وهي تجربة فريدة من نوعها..
صحيح لأن سقراط ينصح تلميذه الذي قصده لطلب النصيحة بشأن زواجه القريب، فأجاب: – ” تزوج، فلو تزوجت بأمرأة فاضلة فسوف تصبح سعيدا، أما إذا كانت أمرأة شرسة أو جاهلة فسوف تصبح فيلسوفا “. وكأنه يشير إلي نفسه، وحيث تزوج من أردأ النساء، التي كانت تهينه وتفضحه أمام تلاميذه وتسبه وتهيل عليه التراب.
أما الأديب الروسي الكبير “ليو تولستوي ” الذي مات في محطة قطار، أثناء فراره من صحبه زوجته عادته لأنه وزع أرضه علي الفلاحين معتقدا أنه أحق بها.
و تولستوي هو صاحب العبارة الشهيرة : ” أنك لن تستطيع معرفة حقيقة أي أمرأة إلا إذا تأكدت أنهم أغلقوا عليك باب قبرك بأحكام “.
صحيح أن مجتمعتنا العربية ذكورية بأمتياز، وأن المرأة تدفع غالبا ثمن نزوات الرجل وعادات الثقافة المجتمعية وتحييز التشريعات والقوانين، وتستسلم لسياسات التهميش والأقصاء من المهن والوضائف القيادية.
إلا أن في بعض المجتمعات العربية ” صعيد مصر وبعض مناطق الخليج والشام وتونس تتمتع المرأة بنفوذ كبير وكلمة نافذة.
تفتقد تنشئتنا ثقافة الزواج، ولم تلق الدعوة إلي عقد دورات و برامج لتثقيف وتأهيل الأزواج الجدد قبل الأقتران، إلا أنها بقيت دعوة جوفاء لا يهتم بها أولو الأمر والتنفيذ، و يمكن أن تتحول هذه الدعاوي إلي نظام إجباري لتأهيل الأزواج الجدد، يتعملون منها عوامل النجاح الأسري، والتربية الجنسية، والفحوص الطبية معا.
تنظم الحكومة الألمانية برنامجا لأعادة تأهيل الأزواج الفاشلين عنوانه ” من أجل زوجتك ” يضم معسكرا لمدة عشرة أسابيع من أجل التخلص من عاداتهم السيئة، و تحسين لياقتهم البدنية، وتهذيب سلوكهم.
كما يعمل علي أن يستردوا ثقتهم بأنفسهم، وينتظم في هذا المعسكر الرجال الذين نبذوا من قبل زوجاتهم بسبب سلوكهم الذي لا يحتمل.
و هدف المعسكر أن يستعيدوا جاذبيتهم من جديد، وتقوم الزوجات بمتابعة سلوك أزواجهم ومدي التقدم في أدائهم بغية قبول العيش معهم مجدداً…
التربية الوالدية والجنسية والثقافة الزوجية والتثقيف الأسري كلها عناوين لبرنامج يساعد الأزواج الحاليين علي المزيد من أعادة التأهيل.
تفتقر ثقافتنا العربية لثقافة الزواج، وعادة ما تنتهي الكثير من قصص الأرتباط العاطفي الملتهبة بتجارب زوجية فاشلة، وقرأت منذ سنوات رواية لمحمد صادق من مصر، تحلل فيه مراحل تطور زواج الشباب العربي من خلال 7 مراحل للعلاقة العاطفية والزوجية.
الطلاق – الذي هو أبغض الحلال عند الله – يحمل قتلاً معنوياً، ونزع الأنسانية عن طرف ذو طرفين..
هل نتقدم إلي الوراء….؟؟
مقال
أ. د محسن محمود خضر
أستاذ ورئيس قسم أصول التربية “الأسبق” كلية التربية جامعة عين شمس