تحل علينا ذكرى السادس من أكتوبر كل عام حاملةً عبير النصر والفخر، لتذكرنا بأن الإرادة المصرية قادرة على صنع المعجزات متى توحدت خلف هدف وطني واحد. ففي هذا اليوم العظيم من عام 1973، كتب الجيش المصري صفحة مضيئة في سجل التاريخ، واستعاد الكرامة العربية بعد سنوات من الانكسار. لكن يبقى السؤال الذي يجب أن نطرحه بصدق: وماذا بعد احتفالنا بانتصارات أكتوبر؟ هل نكتفي بترديد الشعارات واستعادة الذكريات؟ أم نستلهم من تلك الملحمة دروسًا لمواصلة معركة جديدة من نوع آخر — معركة الوعي والبقاء والبناء؟
تقرأ في هذا الموضوع
مصر … درع المنطقة وصمام أمانها
اليوم تواجه منطقتنا العربية تحديات إقليمية معقدة تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، من الأوضاع في السودان وليبيا واليمن، إلى التوترات في البحر الأحمر وشرق المتوسط، وصولاً إلى القضية الفلسطينية التي ما زالت تبحث عن حل عادل وشامل. وفي ظل هذه التحديات، برز الدور المصري كركيزة أساسية للاستقرار، بفضل القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي التي اعتمدت نهجًا يقوم على تغليب لغة الحوار، ودعم الحلول السياسية، واحترام سيادة الدول. لقد أصبحت مصر اليوم صوت الحكمة والعقل في منطقة تموج بالصراعات، ومدًّا للأمن والاستقرار في مواجهة الفوضى والدمار، مؤمنة بأن قوة الوطن لا تُقاس فقط بترسانته العسكرية، بل بقدرته على حماية مصالحه وصون أمنه القومي برؤية متوازنة وشاملة.
عالم مضطرب وتحديات اقتصادية
لا يمكن قراءة المشهد الإقليمي دون فهم ما يجري على المستوى الدولي. فالعالم يعيش مرحلة غير مسبوقة من الصراعات على النفوذ والمصالح، من الحرب الروسية الأوكرانية، إلى أزمات الطاقة والغذاء، وصولًا إلى التغيرات المناخية التي تهدد حياة الملايين. وفي ظل هذه الظروف المعقدة، تبنت مصر سياسة خارجية متوازنة، منفتحة على الجميع دون ارتهان لأي طرف، مدافعةً عن استقلال قرارها الوطني ومصالح شعبها. ورغم الضغوط والتحديات، حافظت الدولة على ثوابتها الاستراتيجية، مؤكدة أن مصر قادرة على حماية مقدراتها دون تفريط، وعلى المضي في طريق التنمية رغم العواصف العالمية.
من معركة البقاء إلى معركة البناء
منذ عام 2013، خاضت مصر معركتها الكبرى ضد الإرهاب والتفكك، واستطاعت أن تستعيد هيبة الدولة وتعيد بناء مؤسساتها. ثم انتقلت إلى مرحلة البناء والتنمية، عبر مشروعات قومية غير مسبوقة، وإصلاحات اقتصادية شجاعة، ومبادرات اجتماعية وإنسانية مثل “حياة كريمة” و”100 مليون صحة”. هذه الإنجازات لم تأتِ صدفة، بل هي ثمرة رؤية استراتيجية بعيدة المدى وضع أسسها الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعادة صياغة مفهوم الدولة الحديثة التي تضع المواطن في صدارة أولوياتها، وتعمل على تحقيق الأمن والتنمية جنبًا إلى جنب.
الوعي… سلاح المواطن في معركة الحقيقة
اليوم لم تعد الحروب تُخاض فقط في الميدان، بل في العقول والقلوب. فقد أصبحت الشائعات وحروب الجيلين الرابع والخامس أخطر أدوات إسقاط الدول. وهنا يأتي الوعي الوطني للمواطن المصري كخط الدفاع الأول عن الوطن. علينا أن ندرك أن دعمنا للقيادة السياسية ليس مجاملة، بل واجب وطني تفرضه طبيعة المرحلة، وأن الوقوف خلف الدولة هو الطريق الأوحد للحفاظ على مقدرات الوطن واستقراره. ولابد أن نتغاضى عن صغائر الأمور، وأن نتسلح بروح أكتوبر التي علمتنا أن لا شيء أغلى من تراب هذا الوطن.
دعوة لتجديد العهد
إن احتفالنا بانتصارات أكتوبر لا يجب أن يكون مجرد مناسبة عاطفية، بل محطة لتجديد العهد مع الوطن، بأن نحافظ على مكتسباته، ونواصل مسيرة التنمية والإصلاح، ونعمل على ترسيخ قيم الانتماء والوعي والمسؤولية. فمصر التي انتصرت في أكتوبر قادرة على أن تنتصر اليوم أيضًا، طالما ظلت وحدة الشعب والقيادة هي سلاحها الأقوى، وطالما بقي فينا نبض الإخلاص والولاء لهذا الوطن العظيم.
مقال
تحيا مصر… بوعي أبنائها، وصلابة جيشها وشرطتها، وحكمة قيادتها
الأستاذ الدكتور/ مجدي فاروق السماحي
أستاذ النانوتكنولوجي ووقاية النبات – معهد بحوث وقاية النباتات – مركز البحوث الزراعية
وكيل محطة البحوث الزراعية بسخا الأسبق
رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بكفر الشيخ
مسئول برنامج مطبقي المبيدات بمحافظة كفر الشيخ
المشرف العلمي لدودة الحشد الخريفية بمحافظة كفر الشيخ
عضو مجلس إدارة جمعية مجلس علماء مصر
عضو لجنة أخلاقيات البحث العلمي بجامعة كفر الشيخ
مستشار مجلس إدارة المجلة العلمية أهرام قسم العلوم
أمين حزب حماة الوطن بكفر الشيخ الأسبق
اقرأ أيضا
نادي الزمالك فرع حدائق أكتوبر .. العضوية تبدأ من 300 ألف جنيه











