تعتبر النباتات جزءاً أساسياً من الحياة على كوكب الأرض، حيث تلعب دورًا كبيرًا في توفير الأوكسجين، الغذاء، والأدوية. لكن من جانب آخر، تحتوي بعض النباتات على مواد سامة قد تكون خطيرة للغاية على صحة الإنسان. قد تؤدي بعض النباتات إلى التسمم أو حتى الوفاة إذا لم يتم التعامل معها بحذر. في هذا المقال، سنتناول أخطر خمسة نباتات سامة يمكن أن تكون ضارة للإنسان، مع شرح كيفية تأثيرها على الجسم وأعراض التسمم التي قد تظهر عند التعرض لها.
سنناقش أيضًا كيفية الوقاية من التعرض لهذه النباتات.
1 – نبات الدفلة (Nerium oleander)
يعتبر نبات الدفلة من أكثر النباتات سمية في العالم، وهو ينتمي إلى فصيلة الدفلية. يتميز هذا النبات بأزهاره الجميلة التي تتراوح بين اللون الوردي والأبيض والأحمر، مما يجعله جذابًا للزينة. ورغم جماله، إلا أن جميع أجزاء نبات الدفلة بما فيها الأزهار، الأوراق، والسيقان، تحتوي على سموم قادرة على التأثير على القلب.
السمية وآلية التأثير: يحتوي نبات الدفلة على مركبات جليكوسيدية سامة، مثل أوليمودين ونيولاندرين، التي تؤثر على وظيفة القلب. عند دخول السم إلى الجسم، فإنه يؤثر على نظام النقل الكهربائي للقلب، مما قد يؤدي إلى اضطرابات خطيرة مثل تسارع نبضات القلب (الرجفان البطيني)، وقد تصل الأمور إلى توقف القلب في الحالات المتقدمة.
أعراض التسمم: تشمل الأعراض الشعور بالغثيان، القيء، التعرق المفرط، الصداع، والدوخة. إذا تم تناول كميات كبيرة من النبات، فقد يؤدي ذلك إلى الوفاة بسبب توقف القلب.
الوقاية: يجب تجنب تناول أي جزء من النبات، والحذر عند التعامل معه، خصوصًا بالنسبة للأطفال والحيوانات الأليفة.
2- نبات السمان أو الأقونيطس (Aconitum)
يعتبر نبات السمان من أكثر النباتات سمية، وهو ينتمي إلى فصيلة التسمانية. يتواجد هذا النبات بكثرة في المناطق الجبلية ويمتاز بأزهاره الزرقاء المميزة. يحتوي النبات على مادة الأكونيتين، وهي مادة سامة للغاية.
السمية وآلية التأثير: يؤثر الأكونيتين بشكل رئيسي على الجهاز العصبي المركزي والقلب. عند ملامسة الجلد أو تناول أي جزء من النبات، يدخل الأكونيتين إلى الجسم ويعطل الإشارات الكهربائية بين الأعصاب والعضلات، مما يؤدي إلى شلل تدريجي للجهاز التنفسي والموت.
أعراض التسمم: تشمل الأعراض الوخز في الفم، التعرق البارد، الدوخة، اضطراب ضربات القلب، وفي بعض الحالات، قد يحدث شلل تام للمصاب.
الوقاية: يجب عدم الاقتراب من هذا النبات أو محاولة استخدامه في أي حال من الأحوال.
3- نبات البلوط السام (Ricinus communis)
نبات البلوط السام، والمعروف أيضًا باسم الخروع، هو نبات مزهر يستخدم في العديد من التطبيقات الزراعية والصناعية. لكن بذور هذا النبات تحتوي على مادة الريسين السامة.
السمية وآلية التأثير: الريسين هو بروتين سام يعمل على تعطيل البروتينات الخلوية ومنع الخلايا من العمل بشكل صحيح، مما يؤدي إلى تلف الأنسجة الداخلية وخاصة الكبد والكلى. تعتبر السموم الموجودة في بذور الخروع شديدة السمية حتى لو تم تناولها بكميات صغيرة.
أعراض التسمم: تشمل الأعراض الغثيان، القيء، الإسهال، ألم في البطن، وتلف الأعضاء الداخلية مثل الكبد والكلى. في حالة التسمم الحاد، قد يحدث الفشل الكبدي والفشل الكلوي، وقد يؤدي ذلك إلى الوفاة إذا لم يتم التدخل الطبي في الوقت المناسب.
الوقاية: يجب تجنب تناول بذور الخروع، وعدم التعامل مع النبات إلا بحذر شديد، خصوصًا عند زراعته أو عند وجوده في المناطق التي يمكن أن يصل إليها الأطفال.
4- نبات الهيدرنجا أو زهرة القلب المخلص (Hydrangea)
نبات الهيدرنجا هو نبات مزهر يستخدم للزينة في الحدائق والمنازل. رغم جمال أزهاره التي تأتي بألوان مختلفة مثل الأزرق والوردي، إلا أن هذا النبات يحتوي على مركبات سامة.
السمية وآلية التأثير: تحتوي أجزاء من نبات الهيدرنجا، وخاصة الأزهار والأوراق، على مركبات سامة تعرف باسم السيانيد. عند تناول أي جزء من النبات، فإن السيانيد يمكن أن يدخل إلى مجرى الدم ويؤثر على قدرة الخلايا على استخدام الأوكسجين، مما يؤدي إلى تسمم خطير.
أعراض التسمم: تشمل الأعراض الغثيان، القيء، الصداع، الدوخة، والتعرق الشديد. قد يحدث التسمم الشديد عند تناول كميات كبيرة من النبات، وقد يؤدي إلى الوفاة بسبب اختناق الخلايا.
الوقاية: يجب تجنب تناول أجزاء النبات، والحذر عند التعامل مع نبات الهيدرنجا في الحديقة.
5- نبات التوت السام (Atropa belladonna)
يعد نبات التوت السام، المعروف أيضًا باسم “بيلادونا” أو ست الحسن، من أخطر النباتات السامة في العالم. يستخدم هذا النبات في صناعة بعض الأدوية بتركيزات معينة، لكنه في حال تناوله بشكل غير منظم يمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة.
السمية وآلية التأثير: يحتوي هذا النبات على مركبات مثل الأتروبين والهيوسين، التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى حدوث تشوش في الوعي، وجفاف الفم، وتوسيع حدقة العين.
أعراض التسمم: تشمل الأعراض الدوخة، الاضطرابات البصرية، جفاف الفم، والهلوسة. قد تؤدي الجرعات العالية إلى الوفاة بسبب فشل الجهاز التنفسي.
الوقاية: ينبغي تجنب التعامل مع هذا النبات، وحفظه بعيدًا عن متناول الأطفال والحيوانات الأليفة.
تعد النباتات السامة جزءاً من بيئة طبيعية معقدة، ولكن ينبغي أن نكون على وعي بالمخاطر التي قد تشكلها بعض النباتات على صحتنا. على الرغم من أن العديد من هذه النباتات قد تكون جميلة أو مفيدة في بعض التطبيقات الطبية، إلا أن تناولها أو التعامل معها بشكل غير صحيح يمكن أن يؤدي إلى تسمم خطير. من خلال الفهم الجيد لهذه النباتات وأعراض التسمم، يمكننا اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية والحفاظ على سلامتنا وسلامة من حولنا.
المراجع:
Wagner, K., et al. “Toxic Plants: A Guide for Health Care Providers.” Journal of Medical Toxicology, 2015.
Codd, L. E. “Poisonous Plants of the World.” Cambridge University Press, 2016.
Hurst, T., & Shull, S. “Plant Toxins and Their Effects on Humans.” National Institute of Health, 2017.
الأستاذ الدكتور/ مجدي فاروق السماحي
أستاذ النانوتكنولوجي ووقاية النبات – معهد بحوث وقاية النباتات – مركز البحوث الزراعية
رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بكفر الشيخ
مسئول برنامج مطبقي المبيدات بمحافظة كفر الشيخ
المشرف العلمي لدودة الحشد الخريفية بمحافظة كفر الشيخ
عضو مجلس إدارة جمعية مجلس علماء مصر
عضو لجنة أخلاقيات البحث العلمي بجامعة كفر الشيخ
مستشار مجلس إدارة المجلة العلمية أهرام قسم العلوم